قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن:
وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فقد اختلف العلماء فيه:
فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منعَ أخذ الأجرة عليه عن جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة.
وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري، والشعبي، وابن سيرين.
وذهب عطاء، ومالك والشافعي، وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.
واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت وأنه علّم رجلًا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسًا، فقال له النبي ﷺ:
«إن سرّك أن تطوّق بها طوقًا من نارٍ فاقبلها» وهو حديث مشهور رواه أبو داوود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف.
وأجاب المجوّزون عن حديث عبادة بجوابين:
1. أحدهما أن في إسناده مقالًا.
2. أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئًا، ثم أُهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.
انتهى كلام الإمام النووي
وهذا تفصيله في المسألة وقد أباح الإمام أحمد بن حنبل أخذ الأجرة إذا كانت هناك حاجة تستدعي ذلك، والأقوال الأخرى تدل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن حتى بعقد إجارة ولكن ما نراه في زماننا من تعليمٍ وإقراء مقابل المال الكثير وغيره ومغالاة في الأجرة وإجازة الطالب مقابل ذلك وبعضهم لا يقرأ كامل القرآن على الشيخ ويجيزه به أو يجيزه بالختمة الاختبارية (غير المتابعة) ما هو إلا بيع للقرآن - والعياذ بالله- ولم يكن يفعله القراء الثقات وعلماؤنا الذين قال عنهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى:
تخيرهم نُقّادهم كل بارعٍ.....وليس على قرآنه متأكلا
أي أنهم لا يجعلون القرآن مصدر رزقهم.
وقد فصّل الدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله تعالى في المسألة فقال:
أولًا: أكمل شيء أن يكون مستغنيًا أي أن يكون لديه مصدر رزق أو عمل آخر فالأكمل والأولى عدم الأخذ وأن يُعلّم لوجه الله تعالى.
ثانيًا: أن تقوم الحكومة أو الدولة أو جمعية خيرية بإعطائه راتبًا معينًا مقابل تعليمه وفي هذا يكون الدفع من بيت مال المسلمين (الدولة) وليس من الطالب وهذا لا يكون مقابل تعليمه للقرآن بل لقاء حبس الوقت.
ثالثًا: إذا لم تقم الدولة بكفالته ولم يكن لديه مصدر رزقٍ آخر فله الأخذ دون أن يشترط أي لا يشترط ولا يرد.
رابعًا: أن يشترط ويكون كعقد الإجارة.
وأعلى هذه المراتب وأكملها هي الأولى ثم الثانية وهكذا.
والخلاصة أن هناك اختلاف في المسألة بين العلماء ولكل أدلته الواضحة وللمعلم أن يأخذ بما يراه مناسبًا له والسعيد من ابتغى وجه الله تعالى، والله تعالى أعلم.